في خطوة دبلوماسية تاريخية، تتواصل موجة الاعترافات بالدولة الفلسطينية، لتتوج عقودًا من النضال السياسي والشعبي. تأتي هذه الاعترافات، التي كان آخرها من دول أوروبية وازنة مثل إسبانيا، وإيرلندا، والنرويج، لتشكل ضغطًا متزايدًا على الموقف الأمريكي والإسرائيلي الرافض لحل الدولتين.
الجهود الفلسطينية، التي تعود إلى تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964، تكللت اليوم باعتراف ما يزيد عن 78% من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، أي ما يقارب 150 دولة. هذه الأرقام ليست مجرد أرقام، بل هي تجسيد لإرادة دولية متنامية بضرورة إنهاء أطول احتلال في التاريخ الحديث، وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.
يُمثّل هذا الزخم الدبلوماسي نقطة تحول محورية في مسار القضية الفلسطينية. فبينما كانت الجهود الإسرائيلية المدعومة أمريكيًا تركز على تدمير أي أمل في إقامة دولة فلسطينية، تأتي هذه الاعترافات لتُعيد إحياء حلم الاستقلال. من المتوقع أن يضع هذا الاعتراف ضغوطًا سياسية واقتصادية على إسرائيل، ويجبرها على التعامل بجدية أكبر مع ملف السلام، خصوصًا إذا ما انضمت دول أوروبية كبرى أخرى مثل فرنسا إلى هذه الموجة.
اللافت في الأمر هو أن موقف الولايات المتحدة الأمريكية، التي تظلّ حجر العثرة الأخير، يجد نفسه معزولًا بشكل متزايد. ومع اعتراف أربع من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن بالدولة الفلسطينية (في حال انضمت فرنسا)، تصبح واشنطن في موقف حرج وغير مسبوق، مما قد يدفعها في النهاية إلى إعادة النظر في سياستها، رغم أن استخدامها المتكرر لحق النقض (الفيتو) يظل عائقًا كبيرًا أمام تحقيق العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
بناءً على المعلومات المتاحة، لم يصدر أي تصريح رسمي جديد من الإدارة الأمريكية أو الحكومة الإسرائيلية المتطرفة كرد مباشر على هذه الموجة الأخيرة من الاعترافات. ومع ذلك، تشير مصادر دبلوماسية إلى أن هناك حالة من القلق المكتوم في واشنطن وتل أبيب، حيث تعتبر هذه الاعترافات فشلاً دبلوماسيًا يهدد استراتيجيتهما الهادفة إلى تهميش القضية الفلسطينية. يُذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان قد صرّح في وقت سابق بأن "الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو مكافأة للإرهاب"، وهو ما يُظهر موقفه الرافض بشكل قاطع لأي حل سياسي.