دمشق، سوريا - بعد أيام من إعلان وزارة الداخلية السورية عن إعادة فتح وتأمين طريق دمشق-السويداء الحيوي، يواجه هذا الشريان الرئيسي حركة شبه معدومة للمسافرين المدنيين، رغم الانتشار الأمني المكثف ونشر الحواجز على طول الطريق. وفي حين أعلنت الوزارة يوم الأربعاء الماضي عن استكمال الإجراءات لتأمينه، ما يزال الطريق مفتوحًا فقط للحالات الإنسانية والتجارية، بينما تغيب حركة النقل الطبيعية في ظل مخاوف أمنية متجددة.
طريق التجارة والإغاثة بلا مسافرين مدنيين
كشفت مصادر متقاطعة من محافظة السويداء وشركات النقل لموقع "تلفزيون سوريا" أن فصائل مسلحة في السويداء أصدرت تحذيرات لشركات النقل بعدم نقل المسافرين من وإلى دمشق، وذلك لتجنب تكرار حوادث الخطف وتجدد التوترات الأمنية، خصوصًا في منطقة المطلة. هذا التحذير أدى إلى توقف شبه كامل لحركة المسافرين المدنيين، في حين أبدت شركات النقل استعدادها للعمل، لكنها تخشى من تحمل المسؤولية في حال وقوع أي مكروه.
في المقابل، شهد الطريق حركة إنسانية وتجارية محدودة ولكنها هامة. فقد أكد عمر المالكي، المسؤول الإعلامي في الهلال الأحمر السوري، أن الطريق سهّل نقل أكثر من 50 مريضًا من حالات حرجة (سرطان وكلى) إلى مستشفيات دمشق، إضافة إلى إدخال قوافل إنسانية وتجارية محملة بالمواد الغذائية والإغاثية، مثل القافلة التي دخلت يوم الأحد الماضي بإشراف الهلال الأحمر السوري. كما نفى تجار في سوق الهال بدمشق الشائعات حول مقاطعة تجار السويداء، مؤكدين أن التوقف عن التعامل كان بسبب المخاطر الأمنية.
تُسلّط هذه الحالة الضوء على تعقيد المشهد الأمني في الجنوب السوري، حيث لا يكفي الإعلان الحكومي عن تأمين الطريق لإعادة الحياة إليه بشكل طبيعي. إن وجود تحذيرات من قبل الفصائل المحلية يشير إلى أن السلطة الأمنية الرسمية لا تزال محدودة، وأن هناك قوى أخرى تفرض نفوذها على الأرض.
يُمكن اعتبار هذا الموقف محاولة من الفصائل المحلية لإرسال رسالة مفادها أن حل الأزمة الأمنية لا يقتصر على الوجود العسكري، بل يتطلب معالجة ملفات معلقة، أبرزها ملف المحتجزين والمخطوفين. إن تركيز الحركة على الجانبين الإنساني والتجاري، واستبعاد المسافرين المدنيين، يعكس حالة من "الترقب الأمني" والتوتر المستمر، مما يُبقي الأمل في عودة الحياة الطبيعية معلقًا. كما تُشير مصادر "تلفزيون سوريا" إلى وجود عقبات جدية تواجه مساعي الوساطة الأمريكية لفتح الطريق، بسبب رفض بعض القيادات المحلية للتعاون، وهو ما يعكس التحديات السياسية الموازية للتحديات الأمنية.