دمشق، سوريا - في خطوة تنظيمية هامة تهدف إلى معالجة الأزمات المزمنة في قطاعات الخدمات الأساسية، أصدر الرئيس أحمد الشرع مرسومًا رئاسيًا (المرسوم رقم 150 لعام 2025) يقضي بدمج ثلاث وزارات رئيسية هي وزارة النفط والثروة المعدنية، وزارة الكهرباء، ووزارة الموارد المائية في كيان وزاري جديد يُدعى "وزارة الطاقة". يأتي هذا القرار في سياق يطمح فيه المواطنون إلى تحسين ملموس في حياتهم اليومية، بعد سنوات من المعاناة مع انقطاع الكهرباء وشحّ المياه وتذبذب أسعار الوقود.
المرسوم، الذي يحمل في طياته آمالًا كبيرة، ينص على أن الوزارة الجديدة ستتمتع بـ "الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري"، ومقرها في العاصمة دمشق. الهدف المعلن من هذا الدمج هو "تحقيق التكامل في العمل وتحسين الأداء وتوفير الخدمات الأساسية بالشكل الأمثل".
من الناحية التحليلية، يمثل هذا القرار نقلة نوعية في منهجية إدارة الملفات الخدمية الحيوية. فبدلاً من التشتت بين ثلاث جهات مستقلة، والتي غالبًا ما كانت تفتقر إلى التنسيق الفعّال، سيصبح القرار المركزي بيد جهة واحدة. وهذا قد يسهل عملية صنع القرار وتسريع تنفيذ المشاريع المشتركة التي تتطلب تعاونًا بين قطاعات الطاقة والمياه. على سبيل المثال، قد يُسهم الدمج في حل مشكلة ترابط قطاع الكهرباء بقطاع النفط، واللذان يشتركان في مسؤولية توفير الوقود لتوليد الطاقة. كما يمكن أن يؤدي إلى إدارة أكثر كفاءة لملف الموارد المائية، سواء لتأمين مياه الشرب أو لتوليد الطاقة الكهرومائية.
ومع ذلك، يظل التساؤل الأهم: هل سيترجم هذا الدمج الإداري إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع؟ الأزمات التي تعيشها البلاد هي أزمات متعددة الأوجه، لا تقتصر على الجانب الإداري وحده، بل تمتد لتشمل نقص الموارد، العقوبات الاقتصادية، والظروف الأمنية. فعالية الوزارة الجديدة ستعتمد بشكل كبير على قدرتها على جذب الاستثمارات، وتأمين الموارد اللازمة، وتجاوز التحديات اللوجستية والسياسية.
فيما يتعلق بالهيكل الإداري، نص المرسوم على أن "ملاكات الوزارات المدمجة تعد ملاكًا واحدًا لوزارة الطاقة"، مع احتفاظ العاملين بحقوقهم المكتسبة. هذه النقطة مهمة، حيث تهدف إلى طمأنة الموظفين من ناحية استقرارهم الوظيفي.