هذه القمة، التي ستجمع الرئيس الشرع بقادة عرب آخرين تحت مظلة روسية، تحمل دلالات سياسية عميقة. فهي لا تقتصر على كونها لقاء دبلوماسيًا تقليديًا، بل هي محاولة روسية واضحة لإعادة ترتيب أوراق المنطقة، وتقديم نفسها كشريك رئيسي للعالم العربي في مرحلة ما بعد الصراعات. أما بالنسبة لسوريا، فمشاركة رئيسها في هذا الحدث تُعطي إشارة قوية إلى أن دمشق لم تعد دولة معزولة، بل هي فاعل أساسي في أي معادلة إقليمية مستقبلية.
من جانبه، أكد الوزير أسعد الشيباني أن العلاقات السورية-الروسية في عهد الحكومة الجديدة "قادرة على بناء علاقة قائمة على السيادة والمصلحة المشتركة"، وهو ما يمثل نقلة نوعية في الخطاب الرسمي السوري. فبينما وصف الشيباني العلاقات السابقة بأنها "افتقرت إلى التوازن في بعض المراحل"، يُشدد اليوم على أن أي وجود أجنبي في سوريا يجب أن يكون هدفه "مساعدة الشعب السوري على بناء مستقبله"، في إشارة واضحة إلى ضرورة أن تكون الشراكة مبنية على الاحترام المتبادل وليس على التبعية.
كما رحّب الشيباني بالتعاون مع روسيا في مجالات حيوية مثل إعادة الإعمار، الطاقة، الزراعة، والصحة، مؤكداً أن ذلك سيتم "على أسس عادلة وشفافة". ويُظهر هذا الموقف أن الحكومة السورية الجديدة حريصة على وضع أسس متينة لتعاون اقتصادي يُفيد البلاد بشكل مباشر، بدلًا من الاعتماد على الدعم العسكري فقط.
هذه التصريحات تحمل رسالة مزدوجة: الأولى موجهة إلى الداخل السوري، وتؤكد على سياسة الانفتاح والشراكة البناءة، والثانية موجهة إلى الأطراف الدولية والإقليمية، مفادها أن سوريا تبحث عن "شركاء صادقين" وأن استقرارها هو مفتاح استقرار المنطقة بأسرها.
يُنظر إلى القمة الروسية العربية بمشاركة الرئيس أحمد الشرع كخطوة هامة نحو التطبيع الكامل للعلاقات بين سوريا والدول العربية، وقد تثير بعض التحفظات لدى الدول الغربية التي ما زالت تفرض عقوبات على سوريا. هذه القمة قد تُعتبر مؤشرًا على أن الدول العربية قد تختار إعطاء الأولوية لمصالحها الاقتصادية والأمنية في المنطقة على حساب الضغوط الغربية.