تتجه الأنظار نحو الجنوب السوري مع تسرب تفاصيل مقترح أمني إسرائيلي إلى السلطات السورية، والذي يبدو أنه يهدف إلى تكريس الواقع القائم في المنطقة بدلاً من إحداث تغيير جذري. هذا المقترح، الذي سرّبه موقع "أكسيوس" الأمريكي، يثير تساؤلات حول طبيعة المرحلة الانتقالية في سوريا ومستقبل سيادتها، خاصةً مع تسارع التحركات الدبلوماسية قبيل زيارة مرتقبة للرئيس السوري أحمد الشرع إلى واشنطن.
ينص المقترح الإسرائيلي على تقسيم الجنوب السوري إلى ثلاثة مستويات أمنية، في مقاربة تشبه إلى حد كبير اتفاقية "كامب ديفيد" بين مصر وإسرائيل. تتضمن النقاط الرئيسية في هذا المقترح:
توسيع المنطقة العازلة: زيادة عمق المنطقة العازلة التي تم إنشاؤها بموجب اتفاقية عام 1974، مما يعني عملياً قضم أراضٍ سورية إضافية.
منع الأسلحة الثقيلة: حظر دخول أي آليات عسكرية ثقيلة تابعة للسلطات السورية إلى الجنوب.
حظر جوي: منع تحليق أي طائرات عسكرية سورية جنوبي البلاد، مع احتفاظ إسرائيل بوجودها العسكري في قمة جبل الشيخ الاستراتيجي، إضافة إلى منحها "حرية جوية تامة" فوق الأراضي السورية.
يُظهر هذا المقترح، بوضوح، أن إسرائيل تسعى إلى تثبيت نفوذها العسكري والأمني في المنطقة. الأغرب في الأمر هو أن هذه الشروط تتطابق إلى حد كبير مع الواقع الحالي الذي فرضته إسرائيل بالقوة، خاصة بعد تدمير معظم القدرات العسكرية السورية في الجنوب. هذا ما يجعل الاتفاقية المقترحة تبدو وكأنها مجرد شرعنة مكتوبة لوضع قائم، وليس تسوية جديدة.
ردود الفعل السياسية والتحركات الدبلوماسية
لم تردّ السلطات السورية بشكل رسمي على المقترح، لكنها تعمل على إعداد خطة مضادة. في هذا السياق، جاءت زيارة رئيس جهاز الاستخبارات التركي إبراهيم كالن إلى دمشق للقاء الرئيس الشرع، في توقيت يسبق لقاءً كان من المفترض أن يجمع وزير الخارجية السوري الانتقالي أسعد الشيباني مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، بحضور المبعوث الأمريكي الخاص توماس بَرّاك. هذه الزيارة التركية السريعة قد تشير إلى محاولة أنقرة التنسيق مع دمشق لوضع اللمسات الأخيرة على الخطة السورية المضادة، مما قد يعطّل المساعي الأمريكية التي تهدف إلى إبرام اتفاق أمني شامل.
إن واشنطن تسعى جاهدة لإبرام هذه الاتفاقية، مما يثير تساؤلات حول دور الولايات المتحدة ومبعوثها الخاص توماس بَرّاك، الذي يصفه البعض بأنه "المندوب السامي" في المرحلة الانتقالية السورية.