لم يعد حفل الكرة الذهبية مجرد حدث لتتويج الأفضل، بل أصبح ساحة صراع بين أجيال جديدة تطمح لترك بصمتها. بعد عقدين من هيمنة ميسي ورونالدو، يفتح غياب رودري، حامل لقب 2024، الباب على مصراعيه لمعركة حقيقية بين موهبتين استثنائيتين: لامين جمال وعثمان ديمبيلي. هل يكفي التألق المحلي للامين جمال للفوز بالجائزة، أم أن تتويج ديمبيلي بدوري أبطال أوروبا سيحسم الصراع لصالحه؟
من موهبة فردية إلى قائد جماعي
تكمن نقطة التحول الرئيسية في مسيرة كل لاعب في كيفية قيادته لفريقه. لامين جمال، رغم صغر سنه، كان بمثابة المنقذ لبرشلونة، حيث قاد الفريق إلى ثلاثية محلية (الدوري، الكأس، وكأس السوبر الإسباني)، وقدم أداءً فردياً استثنائياً. تأثيره لم يقتصر على الأهداف والتمريرات، بل تجلى في قدرته على تغيير مجرى المباريات بمهارته الفردية. في المقابل، شهد عثمان ديمبيلي تحولاً كبيراً في باريس سان جيرمان تحت قيادة المدرب لويس إنريكي. تحول من جناح موهوب إلى صانع لعب محوري، وكانت قيادته للفريق في دوري أبطال أوروبا هي اللحظة الحاسمة. فوزه باللقب القاري الأهم لأول مرة في تاريخ ناديه، يمنحه أفضلية كبيرة في سباق الجائزة.
الفعالية في مواجهة الموهبة
استراتيجية برشلونة بقيادة هانز فليك اعتمدت بشكل كبير على لامين جمال كجناح أيمن، يمتلك حرية التحرك والاختراق من العمق. هذه الخطة نجحت في استغلال موهبته الفردية، لكنها لم تمنح الفريق السيطرة التكتيكية الكاملة. على الجانب الآخر، فإن خطة لويس إنريكي في باريس كانت أكثر تنظيماً وتكاملاً، حيث قام بدمج ديمبيلي في منظومة جماعية متوازنة، مما جعله أكثر فعالية في صناعة الأهداف وتقديم التمريرات الحاسمة. هذه الفروقات التكتيكية قد تكون حاسمة في قرار المصوتين، الذين غالباً ما يفضلون اللاعب الذي يؤثر في النتائج الكبيرة.
لامين جمال مقابل عثمان ديمبيلي
لامين جمال (برشلونة): كان الرقم واحد في هجوم برشلونة، مسؤولاً عن صناعة الفرص وتسجيل الأهداف. دوره تمثل في كونه المحفز الهجومي الذي يكسر دفاعات الخصم بمهاراته الاستثنائية.
عثمان ديمبيلي (باريس سان جيرمان): كان القلب النابض لهجوم باريس. دوره كان أوسع نطاقاً، حيث شارك في بناء الهجمات من الخلف، وخلق المساحات لزملائه، بالإضافة إلى تقديم التمريرات الحاسمة.
إذا كانت الأرقام الأولية (الأهداف) قد تمنح الأفضلية لبعض اللاعبين، فإن الأرقام الأكثر دلالة هي تلك التي تقيس الفعالية في اللحظات الحاسمة. ديمبيلي يتفوق في عدد التمريرات الحاسمة في دوري الأبطال، بينما يتفوق لامين جمال في الأرقام المحلية. لكن الإحصائيات الفردية قد تتضاءل أمام أهمية التتويج بلقب قاري كبير مثل دوري أبطال أوروبا، وهو ما يصب في صالح ديمبيلي.
صراع الكرة الذهبية لهذا العام يمثل تحولاً حقيقياً في معايير الجائزة. لم يعد الأمر مجرد أرقام فردية، بل يتعلق أيضاً بالقدرة على قيادة فريق لتحقيق إنجاز تاريخي. يتفوق لامين جمال في الأداء الفردي والمحلي، بينما يملك ديمبيلي الأفضلية القارية. فهل ستكون هذه المعركة هي بداية عهد جديد من المنافسة بين جيل طموح، أم أن الأفضلية في البطولات الكبرى ستحسم الجائزة بشكل قاطع؟