في خطوة تاريخية تحمل دلالات اقتصادية وسياسية عميقة، افتتحت إثيوبيا اليوم الثلاثاء، رسميًا، أكبر سد كهرومائي في أفريقيا، "سد النهضة الإثيوبي الكبير". هذا المشروع العملاق، الذي بلغت تكلفته 5 مليارات دولار، يُعدّ محورًا أساسيًا في طموحات أديس أبابا للتنمية الاقتصادية، لكنه في الوقت نفسه يُعمّق الخلاف مع مصر، ويُلقي بظلاله على استقرار المنطقة.
وخلال حفل التدشين، اعتبر رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أن سد النهضة هو "إنجاز عظيم ليس فقط لإثيوبيا، بل لكل الأفارقة"، مؤكدًا أن بلاده قادرة على تحقيق ما تخطط له. ووجه أحمد رسالة إلى دول الجوار، مفادها أن المشروع لن يؤثر على تنميتها.
يُعتبر سد النهضة مصدر فخر واعتزاز وطني لإثيوبيا، حيث موّل البنك المركزي والمواطنون 91% و9% من تكلفته على التوالي، دون أي دعم خارجي. وتتوقع إثيوبيا أن يزوّد السد ملايين الإثيوبيين بالطاقة الكهربائية، مع تصدير الفائض إلى دول الجوار.
وعلى الرغم من إعلان إثيوبيا عن سعيها للتفاوض، يتابع خبراء ودول المنطقة، وخاصة مصر والسودان، المشروع بقلق بالغ. تُعارض القاهرة السد بشدة، وتعتبره "تهديدًا وجوديًا" لأمنها المائي، وتخشى أن يؤدي إلى تقليص حصتها من مياه النيل. وتعتمد مصر على النيل لتأمين نحو 90% من احتياجاتها المائية.
وقد فشلت سنوات من المفاوضات الدولية في التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن ملء السد وتشغيله، رغم جهود وساطة أمريكية سابقة. ويُثير هذا المشروع مخاوف من تصاعد التوترات الإقليمية، خاصةً في ظل سعي إثيوبيا للحصول على منفذ بحري عبر إريتريا أو الصومال، وهو ما قد يزيد من دعم مصر لهاتين الدولتين.
أكدت وزارة الخارجية المصرية، عبر المتحدث باسمها تميم خلف، أن مصر ستواصل متابعة التطورات على النيل الأزرق عن كثب، وستمارس حقها في "اتخاذ جميع الإجراءات المناسبة للدفاع عن مصالح الشعب المصري وحمايتها". وهذا التصريح يعكس حالة الاستنفار التي تعيشها القاهرة إزاء المشروع. من جانبه، انضم السودان إلى دعوات مصر للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم، ولكنه قد يستفيد من تحسين إدارة الفيضانات والطاقة الرخيصة.