وصل الرئيس أحمد الشرع إلى الولايات المتحدة الأمريكية يوم الأحد، 21 أيلول، للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، في خطوة وصفت بأنها تاريخية وتؤذن بانفتاح دبلوماسي كبير وعودة سوريا إلى الساحة الدولية بعد غياب طويل. هذه الزيارة التي تأتي بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات عن سوريا واللقاء الذي جمعهما في الرياض، تشير إلى تحول جذري في مسار العلاقات بين البلدين.
تُعد هذه المشاركة الرئاسية الأولى لسوريا في الأمم المتحدة منذ أكثر من نصف قرن، وهو ما يؤكد على الاهتمام الدولي بالتحولات الإيجابية التي تشهدها البلاد. إن هذه العودة تعكس رغبة المجتمع الدولي في فتح صفحة جديدة مع سوريا، تقوم على الاعتراف المتبادل بالحقوق والواجبات. وانعكاسات هذه المشاركة ستعتمد على قدرة الحكومة السورية على معالجة الملفات العالقة وإعادة بناء العلاقات السياسية مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة.
إن توقيت الزيارة حساس جداً، خاصة في ظل التطورات التي تشهدها سوريا منذ "التحرير". بل وهناك رغبة غربية ودولية في أن تكون سوريا دولة آمنة ومستقرة، بعيدة عن الفوضى التي شهدتها سابقاً. ويرى أن وجود الرئيس الشرع في نيويورك يعكس عودة "سوريا الجديدة" إلى موقعها الطبيعي، ما يمهد لانفتاح دبلوماسي أوسع.
هذه الزيارة لا تقتصر أهميتها على اللقاءات الرسمية، بل تمتد لتشمل رسالة قوية إلى المجتمع الدولي بأن سوريا تسعى لإنهاء التأثيرات الخارجية السلبية، لا سيما من الميليشيات والأطراف التي كانت تنفذ أجندات إقليمية. الأهمية القصوى للزيارة، تكمن في أنها تطوي صفحة الإرهاب والمخدرات التي ارتبطت بالنظام السابق، وتنتقل بسوريا إلى مرحلة جديدة تتمثل في إعادة بناء اقتصادها واستعادة مكانتها الدولية.
التحليل: تشير الزيارة إلى تحول كبير في الموقف الأمريكي تجاه سوريا، والذي بدأ تدريجياً بعد رفع العقوبات. هذا التغير قد يكون بمثابة "مفتاح" للدول الأوروبية لمراجعة مواقفها تجاه دمشق. النجاح الدبلوماسي لسوريا في إقناع الدول المحيطة والعربية، وحتى الغرب، بأن استقرارها يمثل أساساً لاستقرار المنطقة، يعكس نهجاً جديداً في السياسة الخارجية السورية يقوم على مبدأ المصالح الوطنية، بدلاً من الانحياز لأي من المعسكرين الشرقي أو الغربي. هذه الدينامية الجديدة قد تفتح الباب لعودة الاستثمارات ورفع الحصار عن قطاعات حيوية مثل التكنولوجيا والقطاع المصرفي، ما سيسهم بشكل مباشر في عملية إعادة الإعمار وعودة اللاجئين.
إن مجرد الموافقة على منحه تأشيرة الدخول للرئيس الشرع للمشاركة في اجتماعات الأمم المتحدة، ورفع العقوبات الأميركية مسبقاً، يعد بحد ذاته مؤشراً قوياً على تغير الموقف الأميركي تجاه سوريا، و تأكيده كان من خلال عقد لقاءات مع مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى خلال وجوده في نيويورك.